70 بالمائة من مؤسسات التعليم الخصوصي تقع في محور البيضاء الدار البيضاء
الرباط، وارتفاع الاثمنة والرسوم بشكل متواصل يخلف تذمرا لدى الآباء
وأولياء الأمور
التعليم الخصوصي شريك أساسي
يعتبر قطاع التعليم الخصوصي، شريكا أساسيا، وطرفا رئيسيا إلى جانب الدولة
من أجل النهوض بمنظومة التربية والتكوين، وهو الموقع الذي بوأه إياه
الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
وقد دأبت الكثير من الأسر المغربية في السنوات الأخيرة، على تسجيل أبنائها
في مؤسسات التعليم الخصوصي، مبرراتهم في ذلك كثيرة ومتعددة، لعل أبرزها
البحث عن ثقة وجودة مفقودة في التربية والتكوين، على حد تعبير كثير من
الأسر وأبنائها.
بين منتقد ومدافع
وفي الوقت الذي لا يتوانى الكثير من الفاعلين في قطاع التعليم الخصوصي، في
الدفاع عن القطاع بالتأكيد على احترامه لمعايير الجودة والمردودية، حجتهم
في ذلك الإقبال المتزايد سنويا على مؤسساته، والرضى الذي يحظى به لدى كثير
من آباء وأولياء أمور التلاميذ، كما هو الشأن بالنسبة لعبد السلام عمور
الكاتب العام لرابطة التعليم الخاص بالمغرب، والذي أكد في تصريحات لبرنامج "مواطن اليوم" على قناة "مدي1 تيفي"
أن التعليم الخصوصي رائد في مجاله، وأن نتائجه ومردوديته حققت المبتغى،
وهو إرضاء الزبناء/الآباء، معتبرا أنه مادام هناك إقبال فهذا يشكل عنصرا
إيجابيا ورضا لدى الآباء.
إلا أن هناك الكثيرين الذين يعتبرون أن مؤسسات التعليم الخاص، ليست في
المجمل بديلا مثاليا للمدرسة العمومية، بداعي أن كثيرا منها بات لا يحترم
تلك المعايير المتعلقة باحترام الجودة، وإرجاع ثقة شبه مفقودة لدى المواطن
في منظومة التربية والتكوين بصفة عامة.
انتشار غير متكافئ
على الرغم من الانتشار الكبير والتناسل المثير لمؤسسات التعليم الخصوصي
بالمغرب في السنوات القليلة الماضية، إلى أن هذا الانتشار يفتقد إلى ما
يمكن وصفه "التوزيع الجغرافي المتوازن"، وهو ما يشكل عامل تبرير إضافي
للمنتقدين لهذا القطاع، بل إنه يكاد يكون مبررا إضافيا يؤكد بحث المستثمرين
في المجال عن الربح المادي، كما يعتقد البعض.
وقد اعتبر الحسن المتوكل رئيس شبكة جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالرباط، في تصريحاته لبرنامج "مواطن اليوم" على قناة "مدي1 تيفي" أن القطاع الخصوصي لم يعرف توسعا كبيرا على المستوى الوطني، "خصوصا إذا
أخذنا بعين الاعتبار خريطة العرض التربوي بالمغرب، حيث نجد أن محور البيضاء
الدار البيضاء الرباط يستحوذ على أكثر من 70 في المائة من العرض التربوي"،
وهو ما يجعل القطاع الخصوصي مطالب برفع تحديات الانتشار على المستوى
الوطني، كما أنه مطالب بالتحول إلى قوة اقتراحية حقيقية، حسب تعبيره.
رسوم وأثمنة في ارتفاع
من بين النقاط التي تحظى عادة بكثير من النقاش في ملف التعليم الخصوصي،
تكاليف ورسوم التسجيل والتمدرس، وهي عادة ما تثير الكثير من ردود الأفعال.
وإذا كان التعليم الخصوصي بالرغم من وتيرة تطوره البطيئة، قد استجاب
لحاجيات كثير من الأسر المغربية، التي صارت تستثمر في تعليم أبنائها، لكن
ذلك يأتي في بعض الأحيان على حساب جيوبها، حيث تميل كفة الربح السريع لبعض
من أرباب المدارس الخاصة على مبدأ الخدمة العمومية.
حيث يمكن القول إن اختيار كثير من الأسر للتعليم الخاص، لا ينغصه إلا عداد
رسوم التسجيل الذي لا يقف على حال، فعند كل دخول مدرسي، تفاجأ الأسر
بالزيادة في تكاليف التمدرس دون استشارتها، ليكون الخيار أمامها هو السداد
أو البحث عن مدرسة أخرى.
وفي هذا الإطار قال محمد كنوش خبير في مجال التربية، في تصريحات لبرنامج "مواطن اليوم" على قناة "مدي1 تيفي"،
إنه "من خلال تتبع تجارب المؤسسات الخصوصية، نجد أنها تحدد الأثمنة التي
تشاء، وفي كل دخول مدرسي تقع زيادات، والأب الذي يحتج أو يناقش الأمر، يجد
نفسه أمام خيار تنقيل ابنه .. ومن أراد تأسيس جمعية للآباء داخل مؤسسة
خصوصية، يطالبونه بتنقيل ابنه.." بحسب قوله.
أرقام حول القطاع
بلغة الأرقام، فإن إحصائيات الموسم الدراسي 2011/2012، تشير إلى أن عدد
المتمدرسين بالقطاع الخاص من التعليم الأولي إلى التعليم الثانوي التأهيلي،
تجاوز 873 ألف تلميذ، أي ما يقارب الخمسة عشر في المائة من مجموع
المتمدرسين في المغرب إلى غاية التعليم الثانوي التأهيلي.
وفي نفس السياق، قال محمد طالب رئيس رابطة التعليم الخصوصي بالمغرب، الذي حل ضيفا على برنامج "مواطن اليوم" ،
إن التعليم الخصوصي عرف انتشارا وتزايد مضطرد ابتداء من سنة 1990، على
الرغم من أنه لا يتوفر على تحفيزات، وأن أغلبية مؤسساته في طريق الإفلاس،
بحسب تعبيره.
وأضاف محمد طالب في سياق حديثه عن المعطيات الرقمية المتعلقة بقطاع
التعليم الخصوصي، أن عدد مؤسسات القطاع حاليا هو 5830 مؤسسة، مقابل 593
مؤسسة فقط سنة سنة 1990، إضافة إلى 10036 مؤسسة للتعليم الأولي. فيما يبلغ
عدد حجرات مؤسسات التعليم الخصوصي حوالي 42995 حجرة، تحتضن 870407 تلميذ،
يؤطرهم 99156 كهيئة التدريس، و149946 كهيئة الإدارة، إضافة إلى 28563 كهيئة
الخدمات.
آراء ومواقف حول التعليم الخصوصي
اعتبر محمد بلاط عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم (CDT)، أن المغرب اليوم يعيش زمن الإعلان عن إفلاس المدرسة الوطنية العمومية، مشيرا خلال تدخله في برنامج "مواطن اليوم"،
إلى أن نقابته سبق وأن نبهت إلى أن "التعليم بالمغرب لم يعد يحتمل الصمت"،
موضحا أنه لا يمكن عزل التعليم الخاص عن الفشل والانهيار الذي وصلت إليه
المنظومة التربوية ببلادنا.
من جهته، قال رشيد الخضيري مفتش ممتاز وباحث مهتم بعلوم التربية، خلال تدخله ضمن نفس البرنامج على قناة "مدي1 تيفي"،
إنه لا يمكن الحديث عن التعليم الخصوص في منأى عن المقاربة الاقتصادية
والاجتماعية والقانونية والبيداغوجية الديداكتيكية، معتبرا أنه لا يمكن أن
نضع التعليم الخصوص في سلة والعمومي في سلة أخرى، لأن المقارنة بينهما
تفتقر إلى المنهج التحليلي العملي، بحسب تعبيره.
أما كنزة الغالي أستاذة التعليم العالي ونائبة برلمانية عن حزب الاستقلال، فقد اعتبرت خلال مشاركتها في نفس البرنامج المذكور،
أن الجميع يتحمل المسؤولية فيما يؤول إليه قطاع التعليم عموما، بما فيه
قطاع التعليم الخصوصي، من إفلاس منذ زمن بعيد. موضحة أن هناك مشاريع في
قطاع التعليم الخصوصي ورائها الربح فقط، داعية إلى اعتماد التدبير والتنزيل
القبلي من أجل الإصلاح.
إرسال تعليق